قرأت هذه القصة الرائعة فأردت أن أنقلها اليكم التى تدور أحداثها كالتالي:
بعد انتهاء مراسم الحج جلس رجلان بالمطار فسأل أحدهما الآخر عن كيفية أدائه للحج فقال والله يا أخ سعيد أنا أعمل مقاولا وقد رزقنى الله من فضله وفزت بمناقصة اعتبرها صفقة العمر وقد قررت أن يكون أداء فريضة الحج للمرة العاشرة أول ما أفعله شكراً لله على نعمته التى أنعم بها على وقبل أن آتى الى هنا زكيت أموالى وتصدقت كى يكون حجى مقبولا عند الله...
ثم أردف بكل فخر واعتزاز وها أنا قد أصبحت حاجا للمرة العاشرة. — أومأ سعيد برأسه وقال اتمنى لك: حجا مبروراً وسعيا مشكوراً وذنبا مغفورا. — ابتسم الرجل وقال: أجمعين يا رب وأنت يا أخ سعيد هل لحجك قصة خاصة؟ — أجاب سعيد بعد تردد: والله يا أخى هى قصة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها. ضحك الرجل وقال: بالله عليك هلا أخبرتنى فكما ترى نحن لا نفعل شيئا سوى الانتظار هنا. — ضحك سعيد وقال: نعم، الانتظار وهو ما ابدأ به قصتى فقد انتظرت سنين طويلة حتى أحج فأنا اعمل منذ أن تخرجت معالجا فيزيائيا قبل 30 سنة وقاربت على التقاعد وزوجت أبنائى وارتاح بالى ثم قررت بما تبقى من مدخراتى البسيطة أداء فريضة الحج هذا العام فكما تعرف لا يضمن أحد ما تبقى من عمره وهذه فريضة واجبة.. — وفى نفس اليوم الذى كنت اعتزم فيه الذهاب الى متعهد الحج بعد انتهاء الدوام وسحبت لهذا الغرض كل النقود من حسابي...
صادفت احدى الأمهات التى يتعالج ابنها المشلول فى المستشفى الخاص الذى أعمل به وقد كسا وجهها الهم والغم وقالت لى استودعك الله يا أخ سعيد فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى..استغربت كلامها وحسبت أنها غير راضية عن علاجى لابنها وتفكر فى نقله لمكان آخر لكنى اكتشفت أنها فعلت ذلك لأن زوجها فقد وظيفته والمسألة مسألة مادية فقط، بعدها ذهب سعيد الى المدير ورجاه أن يستمر بعلاج الصبى على نفقة المستشفى، وفجأة يقول سعيد وضعت يدى لا اراديا على جيبى الذى فيه نقود الحج، فتسمرت فى مكانى لحظة ثم رفعت رأسى الى السماء وخاطبت ربى قائلا: اللهم أنت تعلم بمكنون نفسى وتعلم أن ليس أحب الى قلبى من حج بيتك وزيارة مسجد
نبيك وقد سعيت لذلك طوال عمرى وعددت لأجل ذلك الدقائق والثوانى لكنى مضطر لان اخلف ميعادى معك فاغفر لى انك أنت الغفور الرحيم.
وذهبت الى المحاسب ودفعت كل ما معى له عن أجرة علاج الصبى لستة أشهر مقدما وتوسلت اليه أن يقول للمرأة بأن المستشفى لديه ميزانية خاصة للحالات المشابهة. دمعت عين الرجل: بارك الله بك وأكثر من أمثالك، لكن اذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت اذا؟ قال سعيد ضاحكا: أراك تستعجل النهاية، هل مللت من حديثي؟ اسمع يا سيدى بقية القصة، (جعت يومها الى بيتى حزينا على ضياع فرصة عمرى فى الحج وفرحاً لأننى فرجت كربة المرأة وابنها ونمت ليلتها ودمعتى على خدى فرأيت نفسى فى المنام وأنا أطوف حول الكعبة والناس يسلمون على ويقولون لى حجا مبرورا ياحاج سعيد فقد حججت فى السماء قبل أن تحج على الأرض، دعواتك لنا يا حاج سعيد، حتى استيقظت من النوم وأنا أحس بسعادة غير طبيعية على الرغم من أننى كنت شبه متأكد من أننى لن أتشرف يوما بلقب حاج، فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره.)
وما أن نهضت من النوم حتى رن الهاتف وكان مدير المستشفى الذى قال لي: يا سعيد انجدنى فأحد كبار رجال الأعمال يريد الذهاب الى الحج هذا العام وهو لا يذهب دون معالجه الخاص الذى يقوم على رعايته وتلبية حاجاته، ومعالجه زوجته فى أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها فهلا أسديتنى خدمة وذهبت بدلا عنه؟ لا أريد أن افقد وظيفتى اذا غضب منى فهو يملك نصف المستشفى. قلت له بلهفة: وهل سيسمح لى أن أحج؟ فأجابنى بالموافقة — فقلت له اننى سأذهب معه ودون أى مقابل مادي، وكما ترى فقد حججت وبأحسن ما يكون عليه الحج وقد رزقنى الله حج بيته دون أن ادفع أى شيء.. والحمد لله وفوق ذلك فقد أصر الرجل على اعطائى مكافأة مجزية لرضاه عن خدمتى له وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بأن يعالج ابنها فى المستشفى على نفقته الخاصة وأن يكون فى المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء وفوق ذلك فقد أعطى زوجها وظيفة لائقة فى احدى شركاته.. — نهض الرجل وقبل سعيد على جبينه: والله لم اشعر فى حياتى بالخجل مثلما اشعر به الآن.
فكم منا من فكر أن يكون الحج سعيد أو أن يفرج كرب مسلم كما فعل سعيد؟؟