الانحراف هو الخروج عن القيم و المعايير التي تحكم سلوك كل مجتمع،فهو شئ نسبي أي يختلف وصفه باختلاف المعتقدات التي يؤمن بها المجتمع لكنه سلوك مرفوض من فبل الكل لانه يؤدي الى تدمير المجتمعات وتخلفها،وللانحراف اسباب كثيرة تختلف باختلاف ظروف الشخص المنحرف ...
ولكي نجنب ابناءنا وشبابنا هذا السلوك الذميم علينا وعلى مجتمعنا اتباع هذه الخطوات:
1ـ إيجاد فرص عمل متكافئة : فلا يمكن التخلّص من شرور الفراغ والبطالة التي يعاني منها الشباب إلاّ باتاحة المجال للطاقات الشابة أن تأخذ موقعها على خريطة العمل والإنتاج ، فلقد ثبت أنّ الشبان العاملين أقلّ تعرّضاً للإصابة بالانحراف بسبب استغراقهم في أعمالهم التي ترفع من إحساسهم الإيجابي بشخصياتهم واستقلالهم المالي ، وتغلق المنافذ التي تتسرب منها الخواطر الشيطانية التي تغري بالانحراف والتجاوب مع أجوائه ومع المتعاطفين معه أو الذائبين فيه .
2 ـ الابتعاد ما أمكن عن الأجواء الفاسدة أو الداعية إلى الفساد : إنّ مقولة «مَنْ حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه» مقولة مستوحاة من معرفة بالطبيعة الانسانية الميّالة إلى الانحراف (إنّ النفس لأمّارة بالسُّوء إلاّ ما رحم ربِّي ) وهي تنظر إلى لبّ المشكلة ، فالذي يعيش في أجواء تفوح منها الروائح النتنة قد يقرف منها ابتداء ، ثمّ إذا طال تردده عليها زال القرف شيئاً فشيئاً ، وربّما في وقت لاحق لا يرى الشاب الذي زلّت قدمه أن تلك الروائح نتنة بعد ما يكون أنفه قد تشبّع منها .
إنّ الابتعاد عن الأجواء المنحرفة أو المشجّعة على الانحراف لا يكفي وحده في حماية الشباب من الانحراف إذ لا بدّ إلى جانبه من لقاحات المناعة الإيمانية التي توفرها (الأجواء البديلة الصالحة) التي تملأ الفراغ النفسي والعقلي والروحي لدى الشاب .
وعلى هذا فإنّ اختيار البيئة المناسبة للسكن ـ إن كان ذلك ممكناً وميسوراً ـ سيجنّب الأبناء والفتيات الكثير من احتمالات الوقوع في الانحراف . كما أنّ اختيار الأصدقاء الصالحين الثقات الذين يعيشون الطهارة الروحية والصدق والإخلاص سيكون صمام أمان كبيراً ضدّ الانحراف بما يعرّفون أصدقاءهم من عيوبهم ، وما يبذلونه من جهد في مكافحة انحرافهم وما يقدمونه من قدوة حسنة من أنفسهم وسلوكهم القويم .
3 ـ التفقّه في الدين : ولا نعني به وعي الشريعة الاسلامية في مسائل الحلال والحرام فقط ، وإن كان ذلك من صمامات الأمان المهمّة أيضاً ، ولكنّه معرفة بكلّ معالم الطريق عقيدة وشريعة ومنهاجاً .
إن استحضار الشاب لله تعالى في أعماله كلّها ومعرفته «إنّ الشاهد هو الحاكم» و «إنّ الناقد بصير» و «لا تنظر إلى المعصية ولكن اُنظر إلى مَنْ عصيت» وأن تكون أحكام الشريعة أجراساً ومنبهات توقظه إذا غفل ، وتعيده إلى خط السير إذا انحرفت عربته عن المسار ، وأن يعرف أنّ الذئب إنّما يأكل من الغنم القاصية لأ نّها شذّت وانحرفت وانفصلت عن الجماعة الصالحة التي توفر لها الحماية .وإن وعي الشاب لدوره في الحياة ، ولما أراده الله منه ، ولما ينتظره اسلامه ومجتمعه والمستقبل منه ليس خارجاً عن التفقّه في الدين وتوفير سياج يحمي من الانحراف .
4 ـ تكثير عدد القدوات في المجتمع : لا يكفي في سبيل دفع الانحراف وتحذير الشباب منه أن نقدّم مواعظ طويلة عريضة ، فالأب القدوة ضمانة أكيدة لابنه ضدّ الانحراف ، والأم النموذج الصالح حارس لابنتها من الوقوع في الانحراف . والعالم العامل المتقي الورع صمام أمان لشرائح واسعة من الناس ، والمعلّم المربّي الذي علّم نفسه أوّلاً وربّاها خشبة إنقاذ بما يغرسه في نفوس النشء ـ شباناً وفتيات ـ من معاني وقيم الصلاح والاستقامة .
إنّ لغة القدوة أبلغ في التعبير من لغة الخطاب المجرّد «كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم حتى يروا منكم الورع والاجتهاد والتقوى ، فذلك داعية»
7ـ إتاحة المجال للزواج بشروط ميسّرة : لقد تأكّد أنّ التعقيد في شروط الزواج وارتفاع تكاليفه الباهظة سواء غلاء المهور أو الشروط التعجيزية التي ما أنزل الله بها من سلطان ، هي التي جعلت الكثير من الشبان والفتيات يلجؤون إلى الطرق غير الشرعية للتنفيس عن رغباتهم الجنسية .
فالزواج الجماعي الذي يقلّص حجم النفقات ، وتأسيس الصناديق الخيرية التي تيسّر السبيل إلى بناء البيوت السعيدة ، أو المصارف التي تقدم القروض والسلف للراغبين بالزواج أو حديثي العهد بالزواج بشروط ميسّرة وأقساط مريحة ، كل ذلك يساهم في التخفيف من وطأة الانحراف وسد منافذه .
8 ـ فتح أبواب التفاؤل والرحمة : إنّ الشاب المنحرف أو الفتاة المنحرفة أشدّ ما يكونان
حاجة إلى القلوب الرحيمة المتفهّمة لظروفهما وأسباب انزلاقهما ، وايجاد المخارج التي يمكن أن يهربوا من انحرافهم من خلالها .
وعلى المربين أن يتعلّموا لغة الخطاب القرآني مع المنحرفين ويخاطبوهم بمثلها (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا
من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً ) وهي لغة (إنّ الله غفور رحيم) و (توّاب رحيم) و (رحمتي وسعت كلّ شيء) ، فأبواب الصفح والمسامحة مفتوحة و (مَنْ تاب تاب الله عليه) .. المهم أن لا يبقى الشاب المنحرف مصرّاً على انحرافه مأخوذاً بالعزّة بالإثم .
كل ذلك يساهم في التخفيف من وطأة الانحراف وسد منافذه . واخيرا الهداية من ربنا ولكن لابد لنا من الاخذ بالاسباب وربنا يهدي الجميع..